ينطلق الكاتب في سرديته النثرية من تجربته الشخصية مع سرطان الكلية اليسرى وخضوعه بعد استئصالها، لعام كامل، لجلسات الرنين المغناطيسي التي صارت تتحول إلى طقس منهك له، حيث كانوا يحقوننه بمادة غادولينيوم المشعة من أجل كشف خفايا الجسم الإنساني، ومعرفة ما إذا كانت هناك انتقالات للواسمات السرطانية إلى أمكنة أخرى في جسمه. لكن هذا الطقس كشف له أثناء القراءة أن هذه المادة المشعة ممنوعة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا وسواها من دول "متحضرة" فيما لا تزال تُستخدم في بلدان العالم الثالث على نطاق واسع، وأقل ما يقال عنها في دراسات حديثة أنها تسبب القصور الكلوي. عندما تأمل المشهد أمامه، أو بعبارة أخرى عندما تأمل جسده، وجد أن الموضوع برمته لا يعدو كونه "بيزنساً" للشركات الطبية التي لا تزال تستورد مثل هذه المادة المحظورة عالمياً، معرضةً مرضى السرطان لأخطار إضافية هم في غنى عنها. اليوم أدرك، عندما توغّل في الحكاية كلها وأكتشف كم تأخرنا في الحديث عن وشايات هذا العالم المعاصر بحق الإنسان، أن هناك ما هو مروع أكثر من دفن نفايات مشعة في ربوع الأوطان التي نعيش فيها، وأن الأمر لا يتعدى بيزنس الوحوش التي نعيش بين ظهرانيها. (لا أدري إن كان الأمر معكوساً، فنحن من يعيش بين ظهرانيها.) إنها سيرة متنقلة لا تتوقف عن الفتك بأرواحنا، ولا ينبغي لها أن تتوقف أصلاً. ثمة ما يجب قوله حتى لا تصبح مجرد سيرة ذاتية غير مكتملة!