من المفيد اليوم مساءلة فعالية السياسات الثقافية في المغرب. لذا لا بد لهذا البحث من التركيز على نقاط قوة وضعف هذه السياسات، كما على قدرتها على دعم التحوّلات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية في البلد. يقترح البحث الحالي، في لحظة التقييم المتاحة هذه، أن يحلّل الأهداف، المعلنة وغير المعلنة، لإعداد وتطوير السياسات الثقافية العامة المختلفة في المغرب منذ الإستقلال عام 1956 وحتى يومنا هذا.
تطرح فرضية البحث الأولى فكرة أن الإبداع الفني وتوزيع ونشر الفن تم تحويلها إلى أدوات، وذلك منذ مأسسة الثقافات السياسية في المغرب. سيتم التركيز على الفترة التي تلت حركة 20 شباط/فبراير 2011، والتي تزامنت مع الربيع العربي.
في خطوة أولية وعامة، سيركز هذا البحث على تفصيل وتحليل تاريخ هذه العملية، أي تحويل الإبداع الفني وتوزيع الفن إلى أدوات، منذ الإستقلال وحتى 20 شباط/فبراير 2011.
أما الجزء الثاني فسيركز على المرحلة التي تلت 20 فشباط/فبراير، بينما يكرّس الجزء الثالث والأخير لتحليل أربع سياسات ثقافية مطبّقة في أربعة مجالات فنية مختلفة: الموسيقى، المسرح، السينما والفنون البصرية. الهدف من هذا التحليل هو استكشاف أهداف الدولة تجاه هذه الفئات الأربع لجهة نوع الدعم، القوانين، الإبداع، سياسات النشر والتوزيع، الجمهور المستهدف...
بالإضافة إلى البحث التوثيقي والتعمّق في الأبحاث المكتوبة المتوفرة، ستستند منهجية البحث بشكل أساسي على مقابلات نوعية في عدة مدن مغربية مع ممارسين فنيين ومع صنّاع قرار إداريين وسياسيين (في مناصبهم حالياً أو صناع قرار سابقين) قاموا بتطوير أو إدارة سياسة ثقافية عامة او محددة بأحد المجالات الفنية المذكورة سابقاً.