الباحث المساعد: حازم شاهين
لقد حضر سيد درويش قبل ما يزيد عن 100 عام على ساحة فن الغناء والموسيقى في مصر، وقدّم من خلال ألحانه وأغانيه مشروعاً فنيّاً غنائيّاً خاصاً ومميزاً، تحديداً في سنواته الست الأخيرة (1917-1923). لا خلاف أو جدل على ما حقّقه درويش من تجديد وتحديث ونهضة في مجال الغناء المصري آنذاك، ولا جدال أيضاً حول نجاحه في صناعة أغنية مصرية الهوية والهوى فنياً وإجتماعياً وسياسياً. كما استطاع سيد درويش الوصول إلى الناس بشكل كبير وإنتشرت أغانيه انتشاراً جماهيرياً مبهراً في حياته. وهذا يعني أن الفن الذي قدمه درويش قد نجح في تشكيل مساحة مشتركة من المعاني والمشاعر والأفكار يتقاسمها المصريون والمصريات من عامة أفراد الشعب، وقد عبرت عنهم وحملت شكواهم وهمومهم، والأهم كانت لهم بمثابة صوتهم الذي سمعوه وأحبّوه ولأول مرة. واتّضح لنا أيضا أن غناء درويش وجد لنفسه مساحة هامة في الممارسات الشبابية المعاصرة، سواء من خلال تقديم تراثه الغنائي في عدد من الفرق الشبابية الناجحة والتي تمارس فنونها ضمن مساحة ما يسمّى الفن البديل، أو من خلال استدعائه من قبل ذات جيل الشباب في لحظات تعبيرية ثورية فارقة ومكثّفة في تعبيرها عن الأفكار والطاقات والمعاني الخاصة بهم. وعليه، معتمدةً غناء درويش نموذجاً، سوف توجّه الدراسة اهتمامها نحو التحليل والبحث بشكل معمّق في الموسيقى والغناء كقوى كامنة يمارسها، إبداعاً واستهلاكاً، جيل ما بعد الألفية في مصر. كما تهتم الدراسة بتقديم التفسيرات السوسيولوجية والفنية حول نجاح (نموذج غناء درويش) في استمرار تشكيل المعاني والتمثيلات الجامعة وخلق التأثيرات والتفاعلات الاجتماعية والفنية المؤثرة العابرة للأجيال.