يعالج هذا البحث مسألة تأثير التربية الموسيقية على المتعلمين وعلى الناشئة في أفق إنتاج أفراد لهم مواصفات فنية وجمالية، ولهم القدرة على الفعل الإيجابي في المجتمع والارتقاء به. وانطلاقا من مسلمة مفادها أن الموسيقى هي تلك القاعدة الأساسية التي تعكس الملامح الجمالية، والثقافية، والحضارية للمجتمع، والتي تكشف في نفس الآن عن وعي الأفراد والجماعات، وطبيعة علاقاتهم الإجتماعية، ثم مستوى أذواقهم الفنية عموماً والموسيقية خصوصاً. في هذا السياق انطلقنا من الإشكالية التي تبحث في العوامل المتعددة التي تحول دون تأثير التربية الموسيقية في البناء التربوي للفرد داخل الأسرة العربية، هل هي عوامل لها علاقة بالتكوين الثقافي للإنسان في المجتمع العربي وانتمائه الإجتماعي؟، أم أن الأمر يتعلّق بالإرث الديني، والثقافي، والتاريخي؟، وتحديداً في ذهنيتَيّ التبخيس والتحريم للموسيقى . ثم كيف يمكن للمدرسة أن تقوم بتطوير التربية الموسيقية لتفعيل تنشئة الأطفال والشباب في المجتمع المغربي؟ إشكالية ستقودنا إلى افتراض أن للإرث الثقافي العائلي للأسرة تأثير على الارتقاء بالذوق الفني والجمالي للمتعلم وتكوين شخصية متوازنة وفعّالة في المجتمع من خلال مادة التربية الموسيقية، ولا سيما أن للموسيقى ارتباط وثيق بالمعطى الإجتماعي، ومن هنا يمكننا الحديث عن العلاقة بين ما هو موسيقى وما هو اجتماعي .أسئلة ستقودنا للبحث في سيرورة إدماج التربية الموسيقية في المنظومة التعليمية بالمغرب، والتساؤل حول واقع التعليم الموسيقي بالمغرب، و موقع التربية الموسيقية في المدرسة المغربية العمومية والخصوصية، ومواصفات كفاءة الأساتذة المدرسين والكشف عن مستويات استيعاب متعلمي السنة الثالثة إعدادي بالتعليم الرسمي والخاص، وقياس مستوى تفاعلهم مع وحدات المادة واكتساب مهارة الغناء السليم والقراءة الصولفائية ( تفكيك رموز اللغة الموسيقية) والتمكن من ضبط الأدوار الإيقاعية...مهارات ستجيبنا على سؤال علاقة الإنتماء الإجتماعي والإرث الثقافي وتأثيرهما على الذوق الموسيقي للناشئة . وتبرز أهمية الدراسة في كونها تلقي الضوء على أهم الصعوبات التي تحول دون تحقيق الكفايات المنتظرة من المادة في قطاع التعليم الخاص والعام ، عبر الوقوف على الأسباب الموضوعية التي تعيق تطوير أداء المتعلمين موسيقياً وتربيتهم تربية موسيقية ترتقي بأذواقهم وتنمّي قدراتهم وشخصياتهم ليصبحوا مواطنين فاعلين لخدمة وتنمية الفن و المجتمع.