في بواكير انتشار الحوسبة الشخصية على نطاق واسع، وجدت النماذج الرقمية والصور التي أنتجها عدد من المعماريينـات المشهود لهمـن والمتحدرينـات من أصولٍ عربية، كأمثال زها حديد وهاني رشيد، طريقها بشكل غامض إلى الوطن الأم على متن أقراص صلبة مهرّبة وملفات بي دي إف مقرصنة. أصبحت هذه المواد وقوداً لحراك ثوري لحظي، توهّج بعنف قبل أن يخفت فجأة، بين شباب المعماريينـات العرب. سريعاً ما ذوى هذا الحراك طيّ النسيان أو تم التغاضي عنه كنسخة محليّة مقلدة، أقل شأناً، عمّا كان شائعاً حينذاك في "الغرب". وبخلاف عدد محدود من المنشآت المؤقتة، اعتُبرت أغلب البنايات التي خلّفها هذا الحراك، في أفضل الأحيان، أجنّةٌ مبتسرةٌ كان مصيرها الهدم أو الإهمال، لتصبح بذلك الخرائب الأولى للعمارة الرقمية. يهدف هذا المشروع إلى إعادة استكشاف تراث العمارة المنتجة رقمياً في العالم العربي خلال تسعينات القرن العشرين بغرض الوقوف على خطابٍ مغاير أكثر ثرائاً وتنوعاً عن تاريخ ما هو رقمي. يدفع هذا المشروع بأركيولوجيا ما هو رقمي إلى مناطق زمنية مختلفة خارج العالم الغربي.
وفي حين يعمد السّمت المتكرر للسرديات الأكاديمية الشائعة في هذا الصدد إلى توطين ما هو رقمي في العمارة في جغرافيات وأزمنة بعينها - تحديداً شمال غربي أوروبا والساحل الغربي للولايات المتحدة خلال ثمانينات القرن العشرين - شهدت التسعينات عدداً من المحاولات المعمارية في بيروت والقاهرة (بين عدد من مدن العالم) كان ضمن المحاولات الأولى لإنتاج العمارة رقمياً. ونجح عدد غير قليل من تلك المحاولات في الوصول إلى وصفات برمجية تجمع بين سعة الحيلة والأصالة لإنتاج عمارة على قدر من التعقيد لم يكن ممكناً قبل تلك اللحظة.