الباحثان المساعدان: نديم مشلاوي ورايشيل ديدمان
"ارتياب صحيّ" مشروع بحثي قَيمي يتناول الأمراض كاستعارة توليديّة ونموذج نظري لفهم متطلّبات المعاصرة في العالم العربي. نأخذ المدينة العربيّة كنقطة انطلاق ونستخدم الممارسات الفنية المتعددة التخصصات كأدوات من أجل تسليط الضوء على التعقيد النموذجي أو النمطي المرافق للمرض، وذلك في سعيٍ إلى فهم ارتباط مفاهيم العافية والاعتلال بأنظمة الحكم. في تفحّص المفاصل المتغيّرة للمرض وتأثيراتها على البيئات الحضرية، يتفكّر بحثنا في البناء الحيّزي للمدينة ودوره في التنظيم الجماهيري، فضلاً عن تأثيره الفيزيولوجي والنفسي والبيولوجي-الثقافي على السياقات ما بعد الإستعماريّة والإستيطانيّة كما السياقات العابرة للأقاليم. يتناول المشروع هيكليّات السلطة من منظور الجسد وصحّته، من خلال النظر إلى تواريخ الأنظمة الصحية والإصابات المرضيّة كقضايا ملحّة وعاجلة ضمن الصراع الإقليمي.
يطرح مشروع «ارتياب صحيّ» إطاراً وثيقاً ومتعدّد التخصصات يهدف إلى رسم خرائط مكانيّة إجتماعيّة بديلة من شأنها أن تنزع الحدود الجغرافيّة كتخومٍ المدينة والدولة. يعمل المشروع على تحديد الأسباب التي أدّت بالكيان الاجتماعي والسياسي العربي إلى أن يصبح موسوماً بـ «المرض» و«الإعتلال»، وعلى وضع إطار نظري للسيطرة عليه أو لإقصائه من الساحة الجيوسياسية. من خلال إعادة توجيه وتفصيل المجازات المتعلّقة بالمرض، سوف نسعى إلى التّفكير في الشروط العامة المتعلّقة بالحدود بين الناس، مع لفت الانتباه إلى حقيقة أن البشر، على المستوى الجزيئي والبيولوجي، هم قبل شيء مَسامِيّون. تحاول هذه المقاربة تحدّي الخطاب السياسي الحالي الذي يعتبر الهجرة التي تسببها الصراعات العربيّة بمثابة وباء ينتشر في الغرب ويهدّد سلامة «الجسم» القومي الأوروبي. بدلاً من ذلك، نقترح أن البيولوجيا تقترن بالسُّمو والتبدّل لتقدّم أشكالاً لا حصر لها للحركة، متجاهلةً الاختلاف السياسي في الجنس والعرق والعمر والطبقة الاجتماعيّة. ما الذي يمكننا تعلّمه أو إقراره بالنظر إلى هذه البُنى؟ وكيف يمكن إعادة صياغة العملية البيولوجية لل"عدوى" من ظاهرة خطيرة إلى حالة توليديّة وإنتاجيّة مثمرة؟ سوف نعمل بالتعاون مع مجموعة من الفنانين والمخرجين والقيّمين والمنظّرين، بوصفهم هيئات معرفيّة (بصرية وإبداعية ونقديّة)، في محاولة للكشف عن الجوانب الهامشيّة والمخفيّة التي تكتنفها هذه التّواريخ.