المنتج/ة: عروة نيربية
حمص، عاصمة الثورة السورية هي نجم هذا الوثائقي للمخرج الكردي طلال ديركي الذي نال جوائز عدة حول العالم، أهمها في صندانس وأمستردام. يستند الفيلم إلى مواد فيلمية كثيرة، أبرزها ما التُقط أثناء الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري في حمص منتصف شهر أذار/ مارس عام 2011. احتجاجات سلمية تطورت إلى نزاع مسلح ودموي ذهب ضحيته الآلاف ودُمِّر بسببه الجزء الأكبر من المدينة. النجم الثاني للفيلم هو الشخصية التي يقتفي ديركي أثرها، ويرافقها خطوة خطوة: عبد الباسط الساروت الذي كان حارس المرمى للمنتخب السوري للشباب لكرة القدم. عندما اندلعت الثورة السورية تحوّل الساروت إلى أحد أبرز العناصر التي تقود الحراك السلمي في البلاد. حراك ارتكز بشكل أساسي على الأناشيد. مع بلوغ السلمية حدود اليأس، حمل الساروت السلاح فصار مقاتلاً شرساً في صفوف الثوار. لكن الساروت ليس وحيداً، هناك إلى جانبه مَن يتوق إلى الحرية والكرامة. من هؤلاء: أسامة، المُصوِّر الذي يلتقط كلّ ما يحدث حوله من تطورات أمنية، وهكذا حتى اعتقاله. يضعنا الفيلم في قلب المعارك الطاحنة والقصف العنيف والأوضاع الإنسانية المزرية، معرفاً إيانا إلى الشخصيات عن كثب، إلى أحلامها وطموحاتها ونظرتها لمستقبل بلاد غارقة في عتمة الديكتاتورية منذ أربعة عقود. الأبطال هنا يواجهون آلة قتل عنيفة، يبدون مثاليين في أطروحاتهم، بيد أنه يجب ألا ننسى أننا في بداية الثورة. بين يأس البعض وصمود البعض الآخر، تكوّن هذا الفيلم الذي يسعى إلى إظهار شجاعة بطله الكاريزماتي وإصرار رفاقه على مقاومة الحصار المفروض عليهم. أسلوبياً، يكتفي ديركي بنقل الحوادث التي يعيشها المقاتلون بواقعية خانقة، مضيفاً إليها لمساته الشخصية كالتعليق الصوتي المؤثر. فالتراجيديا السورية في ذاتها كافية ولا تحتاج إلى المزيد من الميلودراما. هوفيك حبشيان