لجنة التحكيم
نضال الشامخ (تونس) - ريم شديد (فلسطين) - دعاء علي (مصر)
بيان اللجنة
شرُفنا بتولي المسؤولية الصعبة المُتمثلة في اختيار المشاريع التي ستحصل على دعم منحة آفاق 2023 للفنون البصرية. لقد كانت تجربة ثريّة، ومُفعمة بالأسئلة العميقة. هذه هي السنة الأولى مما يُمكن اعتباره حقاً"ما بعد الوباء"، لذا كان من الضروري أن نفهم مخاوف وأسئلة وقيود ومصالح المُمارسين في منطقتنا ومن ينتمون إليها. رغم انتماء المُتقدمين للمنحة هذا العام لأجيال مختلفة، إلا أنهم منحونا مؤشرات واضحة على التغيرات الديموغرافية الراهنة في المنطقة جرّاء الظروف السياسية والاقتصادية، والتي تتمثّل في العدد الكبير من المُهاجرين والمنفيين مؤخراً. ومع المشاريع شديدة الطموح، التي بدت في بعض الأحيان متعارضة بسبب الافتقار إلى الوضوح والتجانُس بين المفهوم والشكل، شعرنا أن المتقدمين ما زالوا يعانون من تبعات السنوات الثلاث الماضية. قضية المساحة التي فرضها كوفيد على الكثيرين، أو بشكل أكثر دقة عدم القدرة على الوصول إلى مساحة (العمل/ المعيشة) والبقاء مُحاصرين في منازل صغيرة وما إلى ذلك، دفعت الكثيرين إلى التفكير في إنتاج أعمال فنية مؤقتة أو لا تتطلب العرض.
ويبدو كذلك أن المتقدمين يواصلون الاهتمام الجديّ والبحث عن نماذج اقتصادية، وأنظمة بيئية ذاتية الاستدامة لأعمالهم الفنيّة، من خلال تصوّر أشكال جديدة من التفاعُل. كانت التناقضات كثيرة، ولم يكن من السهل إدراك الوقت اللازم لتطوير المشاريع بشكل كامل، الأمر الذي يطرح سؤالاً حول ما إذا كانت هناك صيغة جديدة لمُعالجة علاقتنا المُتغيّرة مع الوقت والأنظمة التي تدعمها. هل هناك طريقة لتسريع الدعم مع السماح للمشاريع بأن تستغرق دورتها الطبيعية؟
في إطار عملنا، حاولنا أن نتدبّر العوامل العديدة التي جعلت الاختيار صعباً هذا العام. أخذنا في الاعتبار الصراعات المحلية، في مُقابل الصعوبات التي يواجهها الفنانون العاملون في المنفى، ونقص الشبكات الاجتماعية والمهنية للكثيرين هناك. كما أخذنا في الاعتبار القيود المفروضة على أولئك الذين اختاروا البقاء أو لم يكن لديهم خيار مغادرة مناطقهم. كما وضعنا في الحسبان اختيار ممارسات فنيّة من أجيال مختلفة، ومشاريع تستخدم وسائط مختلفة، مع ميل خاص نحو الأعمال مُتعددة الوسائط، التي تنطوي على عناصر تربوية ولها نطاق تفاعل أوسع. ولكن الأهم من ذلك كله، أن عملية الاختيار استرشدت بصدق ووضوح المُقترحات والتزام المتقدمين بغض النظر عن توافر الموارد المالية. لقد شعرنا أن صدق النية ووضوح الفكر يدُلاّن على التفكير العميق والدائم لمُقدم الطلب في أفكاره، ووضعه، وموقفه، واتجاهه. وبعد مُراجعة جميع الطلبات عن كثب، نشعر أن الانضباط الصارم والالتزام الحقيقي هما حاضنة الوضوح والإخلاص، التي تشتد الحاجة إليها اليوم، في ظل تشتيت الانتباه واحتمالية الوقوع فريسة لهيمنة نُظم الفكر العالمية.
تهانينا للحاصلين على مِنح هذا العام، ومتحمسون للغاية لرؤية كيف ستتطور المشاريع، ونأمل ممن لم يحالفهم الحظ هذا العام أن يواصلوا التزامهم وعملهم على الرغم من محدودية الموارد.