تم التوصل إلى هذه الاختيارات بعد اجتماع استمر لمدة يومين، جمع أعضاء لجنة تحكيم الفنون الأدائية لعام 2023 والمكونة من: الأستاذة المشاركة والباحثة في معهد دراسات المسرح والمواد السمعية - البصرية والسينما، ماريان نجيم (لبنان)، والفنان يونس عتبان (المغرب)، والأنثروبولوجي جورج باجالية (فلسطين). أسفرت المداولات عن اختيار 22 مشروعاً، وبيان لجنة التحكيم التالي:
تشرفنا، كأعضاء لجنة تحكيم منحة آفاق للفنون الأدائية لعام 2023، بتولي المهمة الصعبة، مهمة الاختيار بين الطلبات المتنوعة والمتعددة لهذا العام من جميع أنحاء المنطقة. شعرنا بالحماس لرؤية عدد كبير من المشاريع التي تعتمد على التعاون عبر المنطقة ونأمل أن يستمر هذا الاتجاه على الصعيدين المحلي وفي المهجر. أظهرت طلبات التقدم لهذا العام أيضاً استيعاباً لمنهجيات الأداء التطبيقية في السياقات التعليمية والتنموية. يمثل هذا اعترافاً واضحاً بأهمية الفنون الأدائية في سياقات متنوعة. زاد هذا من صعوبة مُهمة تقييم العديد من المشاريع والمُقترحات الممتازة التي كشفت عن ابتكار واضح في هذا المجال. رغم وجود مشاركة كبيرة من الفنانين الشباب ذوي مقاربات عميقة وجريئة، لاحظنا -مع الأسف- استمرار عدم التوازن الجغرافي في طلبات التقدم الواردة.
الغالبية العظمى من المشاريع التي تم تقييمها تستحق الدعم بطريقة أو بأخرى. إلا أن هذا، للأسف، لم يكن ممكناً. أظهر العديد من المقترحات المُقدمة، تشابكاً وتنويعات في موضوعات تواجدت في المشاريع الفائزة أيضاً. في النهاية، اتفقنا على إعطاء الأولوية لما يلي: المشاريع الجديدة والأصلية والتعاونية والتي ليس لديها وسائل دعم أخرى، والمشاريع التي توشك على الانتهاء وفي حاجة إلى دفعة أخيرة لتُنجز، والمشاريع التي تمنح الكُتاب المسرحيين الجُدد فرصة وتوفر لهم إمكانية التلاقي مع الكُتاب ذوي الخبرة من المنطقة، والمهرجانات أو المشاريع التي تركّز على الجمع بين فنانين من المنطقة (جنباً إلى جنب مع فنانين عالميين) ولديها خطط مُلتزمة بعروض أداء إقليمية.
استندت مقترحات عديدة، سواء تم اختيارها أم لا، إلى مُقاربات جديدة في محاولاتها استكشاف الجسد وبيئاته الحسية والمادية. وشمل ذلك عدداً من المشاريع التي تستكشف المواد الهجينة التي تثيرها وتخلقها الذاكرة والتاريخ الاجتماعي. أوضحت هذه المُقاربات العلاقة التبادلية بين الجسد والفضاء أو الحيز العمراني والحشود. استخدمت بعض هذه المشاريع تكنولوجيات جديدة لتنشيط الذاكرة الثقافية، بينما اقترح آخرون منهجيات جديدة لتجسيد وتنفيذ أشكال متنوعة من الأداء الاجتماعي والثقافي. من بين المشاريع التي تعيد استكشاف الإيماءات الفنية أو الأنواع الفرعية المُتعلقة بمثل هذه العروض، تبنّى البعض منظوراً مُناهضاً للاستعمار من خلال إعادة المُطالبة بهوية هذه السمات الخاصة، بينما أخضعها آخرون لعمليات التفكيك/التركيب، وتجاوز السياق/إعادة إنتاج السياق.
من نواحٍ عديدة، نجحت هذه المشاريع في تجاوز الثنائية المفترضة بين "الثقافة" كشكل موروث ثابت للممارسة من جهة، والإبداع الجديد باعتباره "فناً" من جهة أخرى. وإذا كان بمقدورنا رصد هذا التناقض في منحة لدعم "الفنون والثقافة"، فمن الواعد أن نرى المزيد والمزيد من المقترحات التي تبتعد عن تلك الثنائية، وتؤسس لمقارباتها المنهجية في الأسفار الثقافية المتجذرة للابتكار الفني عبر الثقافات المتعددة في المنطقة. قدمت المشاريع، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، وسواء كانت عملاً جديداً أو تم إنجازه بالفعل، تصوّرات حول العلاقات المُتباينة والمُتدرجة بين الفرد والجماعة، والحشد، والمدينة. من المهرجانات إلى العروض الفردية، طرحت مشاريع هذا العام أسئلة بشأن ما يتم فرضه اجتماعياً، والقوالب النمطية الموجودة فيما يتم فرضه، وكيف يمكن للجسد –على المستوى الجماعي أو الفردي- أن يصبح قوة سياسية واجتماعية قادرة على فرض مُطالبات جديدة على المساحات التي نتجمّع فيها داخل المدن، والأماكن العامة، والمنطقة بشكل عام.