تم اختيار تسعة عشر فيلماً تتناول مجموعة واسعة من الثيمات، لتلقي منحة آفاق للأفلام الوثائقية لعام 2022.
على مدار يومين، اجتمعت لجنة التحكيم، التي ضمت عضويتها: المخرجة السورية جود جوراني، والمخرجة والكاتبة الفلسطينية ساندرا ماضي، ومهندس الصوت والمنتج التونسي منصف طالب، لتقييم الطلبات المقدمة للبرنامج، والتي بلغ عددها 134. انتهت اللجنة إلى اختيار 19 مشروعاً من لبنان ومصر وسوريا وفلسطين وتونس والجزائر واليمن.
في بيانها، سلّطت لجنة التحكيم الضوء على الأشكال السينمائية والثيمات والتقنيات المستخدمة في المشاريع بالإضافة إلى علاقتها بالبيئة الإنتاجية في المنطقة.
نص بيان لجنة التحكيم:
"لا يمكن للسينما -والفنون عامة- إلا أن تكون انعكاساً موضوعياً وذاتياً في آن واحد لحال الشعوب.
في منطقتنا العربية، لا تزال الكثير من الأفلام تتناول مواضيع تعريف الهوية والذات، وموقعها من الأوطان بين انتماء واغتراب. يتجلى القلق الناجم عن هذه المواضيع في أفلامٍ يحاول صانعوها التأمل في معانٍ جديدة وتعريفات مغايرة لكل ما هو متعارف عليه وثابت في الذهن الجمعي. ويبدو هذا واضحاً فيما يبدو كأنها محاولة للقفز من شباك الراهن بثباته وانسداد آفاقه. كيف لا، ونحن نودع حرب، وننتظر أخرى.
أحد الثيمات البارزة في المواضيع المطروحة مسألة استعادة التاريخ، في محاولة لاستعادة الذات وإعادة تعريفها. وكأن صنّاع الأفلام -عبر إعادة الاشتباك مع الجذور- يقتنصون مساحات تعبير ممكنة، لكنها مغايرة في ذات الوقت عن واقعنا الحاضر. ويتكرر سؤال الهوية والذات إما بفعل صدمات الماضي أو بفعل ارتدادات الحاضر، وكأننا ندور في حلقة مفرغة.
أصبح هناك ميل أكثر وضوحاً في مسألة استخدام الفن السينمائي كوسيلة ممكنة لحرية التعبير، تحديداً في الأفلام المقدمة من مصر، والتي تظهر تنوّعاً لافتاً في العدد المقدم، والموضوعات، والشكل السينمائي.
كذلك يظهر بوضوح تطور شكل سينمائي يطغى عليه الجانب التجريبي. نعزي ذلك إلى أحد أمرين. الأول أنه تطور موضوعي وذاتي في سياق تطور الفن السينمائي في منطقتنا العربية مقابل الانفتاح المتراكم على السينما العالمية، وظهور أجيال جديدة وبأعداد ملفتة تحترف هذا الفن عموماً. والثاني أنه انعكاس طبيعي لواقع معقّد نتيجة الصدمات السياسية تاريخياً وحاضراً، مما يتطلّب أشكال تعبير غير مألوفة. وتتقدم الأفلام المقدمة من لبنان تحديداً على غيرها في مواجهة التحولات والتحديات سالفة الذكر.
نلاحظ أيضاً استمراراً في التوجه نحو الأفلام الذاتية العائلية الحميمية، ومحاولة قراءة الواقع العام من خلالها. عدد ملفت من الأفلام استخدمت الأرشيف العام والشخصي عماداً أساسياً في بناء السردية الموضوعية والسينمائية معاً.
كما نود إضافة ملاحظة خاصة بالسينما الفلسطينية، حول وجود تجارب لافتة لجيل جديد قد تحرّر من الخطابية والشعاراتية، وأصبح يمارس "حريته" في التعبير بنضج واضح من خلال تنوع الشكل السينمائي دون أن تفقد المواضيع انتمائها العميق لقضيتها كمبدأ والتزام.
وأخيراً، يمكن أن نقول بثقة إن هناك تبلوراً لافتاً في ما يمكن توصيفه بسينما وثائقية/تسجيلية عربية على تنوعها في المضمون والشكل. بدأ الفيلم الوثائقي/التسجيلي العربي في احتلال مكانته كفن سينمائي إلى جانب السينما الروائية العربية. كما كان لافتاً غياب المشاريع من عدة مناطق ودول عربية، مثل موريتانيا، والصومال، والسودان، بالإضافة إلى دول أخرى.
هناك تنويه لا بد منه، وهو ملاحظتنا للضخامة النسبية لموازنات بعض المشاريع المقدمة، ونأمل التفكير بحلول اقتصادية. هذا لأن صناعة السينما يجب أن تراعي إمكانات المنطقة حتى لا نبقى مرتبطين بمستوى الإمكانات الإنتاجية الأوروبية أو العالمية، تلك التي لا نمتلكها، لا أفراد ولا مؤسسات."
المشاريع الفائزة